مع اقتراب حلول شهر رمضان، وعشيةَ بلوغ الحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا أزيد من ثلاثة ملايين مستفيد من التلقيح، وفي ظل توقعات بعدم إتمام هذه العملية في أبريل القادم، تسود مخاوف من فرض حجر صحي صارم في الشهر الفضيل لإنجاح التطعيم على المستوى الوطني، والتصدي للسلالات الجديدة من الفيروس التاجي التي دخل بعضها فعلا إلى المملكة، وينتظر أن يدخل بعضها الآخر حتماً.
في هذا السياق، أكد الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، وفقا لما ذكرته صحيفة “العلم” الصادرة اليوم الاثنين، أن توقع تطور الحالة الوبائية لا يمكن أن يتجاوز أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على أقصى تقدير، مفسرا ذلك بالمتغيرات العديدة التي تعرفها هذه الحالة، وهذا في نظره ما يبرر عدم تخفيف إجراءات بلادنا الاحترازية رغم تراجع الوضع الوبائي. وتوقع أن تلجأ بلادنا ليس فقط للحجر الليلي، وإنما لإجراءات صارمة للوقاية من تفشي كورونا في رمضان المقبل.
وأوضح حمضي، أن من أبرز متغيرات الوضعية الوبائية في المملكة، ظهور سلالات جديدة أراد المغرب أن يحمي مواطنيه منها، مضيفا أنه إذا انتشرت هذه السلالات قبل حلول رمضان المقبل، فإنها ستعرقل الحملة الوطنية للتلقيح، لذلك تطمح المنظومة الصحية إلى استباق هذا الانتشار بتلقيح 80 في المائة من الساكنة واكتساب المناعة الجماعية.
وحول سبل معرفة المصاب بأي سلالة قد أصيب، قال المتحدث، إنّ القضية أخطر وأعقد من ذلك، موضحا أن هناك إصابات بدون أعراض، وأخرى تتشابه في الأعراض مع كورونا العادية، مما يصعب التفرقة بينها إلا بالخضوع للكشف. وشدد على أن المهم في الأمر هو ليس معرفة المريض بأي سلالة أصيب وإنما معرفة المنظومة الصحية لها، لأن تحديد طبيعة الفيروس المنتشر هو ما يوجه استراتيجية المنظومة في الوقاية منه.
وفي مقابل شكاوى بعض المواطنين من أعطاب تقنية في النظام المعلوماتي الخاص بالحملة الوطنية للتلقيح، من قبيل الخطأ في المعطيات الشخصية للملقحين مثل أرقام هواتفهم التي يفترض أن يتم إرسال الرمز المتعلق باستخراج شهادة التلقيح بعد الحقنتين، أقر الباحث بوجود إشكالاتٍ في هذا النظام على قلتها، داعياً إلى إصلاحها لتدارك هذه الأخطاء لتحقيق المساواة بين جميع المواطنين في الاستفادة.
وبالنسبة للحالة الوبائية في بلادنا خلال سنة من مواجهة الوباء، أكد حمضي، أن تدبير المغرب للجائحة كان موفقا بشكل كبير، من خلال مجموعة من الإجراءات الاستباقية والمبادرات التي كان وراءها صاحب الجلالة، الذي أمن حصول بلادنا على اللقاح ضمن القوى الكبرى. وهو ما جعل المملكة اليوم تصل إلى تلقيح 9,28 في المائة من سكانها وهو رقم لم تصله دول متقدمة من قبيل فرنسا التي لم تلقح سوى 6,34 من مجموع السكان، وألمانيا وإسبانيا التي بدأت حملة التلقيح قبل بلادنا بأسابيع.
واستبعد الطبيب ذاته، أن تنتهي الحملة الوطنية للتلقيح في أبريل المقبل، مبررا ذلك بأنه رغم تهيؤ المنظومة الصحية لتطعيم جميع المستهدفين خلال 12 أسبوعا، فإن التلقيح رهين بعدد الحقنات التي تتوصل بها بلادنا، وهذا ما يتحكم في وتيرة الحملة ككل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق